جاءت الحرب في اليمن فقضت على كل شيء. (فاطمة. أ.م.ن) كبيرة أخواتها السبع، وجدت نفسها وأسرتها مضطرة للنزوح من ميدي إلى مدينة الزيدية منذ خمس سنوات. قصة مؤلمة عاشت تفاصيلها وأخواتها وأمها وأبيها المقعد منذ نزوحهم نتيجة الحرب، التي لم تبقي شيئا لهم. جحيم الحرب وقلة ذات اليد جعلهم لم يستطيعوا علاج والدهم الذي تعرض لحادث مروري بعد نزوحهم بشهرين، مما أفقده القدرة على الحركة وظل مقعدا على فراشه، وبالتالي فقدانهم لمن كان يعولهم ويسندهم في هذه الحياة. قبل الحرب كانوا يعيشون حياة هانئة يغمرهم منزل الأسرة، ولدى والدهم محلا للبهارات والعطارة كانت سمعته تشق السمع في ميدي، ويعرفه الصغير قبل الكبير، وهو مصدر الرزق لهذه الأسرة. ساءت الأوضاع بعد الحرب، فحياة هذه الأسرة تغيرت للأسواء، وأصبحوا يواجهون بشكل يومي أخطار محدقة، حتى أنهم يجدون أشد الصعوبات في توفير الاحتياجات اليومية للأسرة، مما جعلهم يسكنون في حوش داخل الزيدية تبرع به لهم أحدهم ليقطنوه. حوش يتكون من غرفة وحيدة، يأوي إليها جميع أفراد الأسرة التسعة، ويحتفظون بكل شيء في هذه الغرفة، الطعام والملابس والأدوات وكل شيء، غير أن هذه الغرفة هي أيضا تُغرِقهم بالمياه عندما تنزل الأمطار؛ كونها مغطاة بالقش -الذي تشتهر به بعض بيوت تهامة-. علمت فاطمة بفريق المسح الميداني الذي يتبع لمؤسسة كل البنات للتنمية AGF ويعمل على تسجيل النازحين في مشروع توفير المأوى لإنقاذ حياة النازحين الضعفاء بمديريتي الزيدية والمنيرة بمحافظة الحديدة فعرضت معاناتها عليهم، وتم استهدافها ضمن المستفيدين من المشاريع الصغيرة؛ ولأنها تجيد الخياطة فقد باشرت بشراء ماكينة الخياطة وقليل من الأدوات وبدأت العمل عليها من داخل ذلك الحوش. تقول فاطمة: بأن مكينة الخياطة هذه وفّرت لهم مصدرا للدخل بشكلٍ يومي، وفتحت لها قنوات تسويقية مع عدد من الزبائن الذين يرتادونها للخياطة، وتحلم بأن يتطور مشروعها هذا ليصبح لديها معملا للخياطة، تقوم من خلاله بضم عدد من النازحات الأخريات ليعملن لديها؛ وتوفر لهم رواتب بشكل شهري حتى لا يمروا بما مرّت به من معاناة وألم. ساعدت ماكينة الخياطة فاطمة في تجاوز الظروف الصعبة الناتجة عن النزوح ولو بشكل بسيط؛ وجعلتها تتعفف عن سؤال الناس، وباتت تعمل معظم ساعات النهار في الخياطة من أجل تسليم فساتين النساء في مواعيدها، مع رغبة واضحة في التطوير، وضم أكبر عدد ممكن من النازحات إليها.