قصة نجاح صنعتها مؤسسة كل البنات للتنمية (AGF) بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)
في قرية نائية تعتلي قمم الجبال الوعرة بمديرية كسمة في محافظة ريمة غرب اليمن — حيث يصبح الوصول إلى الرعاية الصحية سباقاً مع الزمن — كانت فاطمة محمد، القابلة الخمسينية، تقف يوماً ما بلا أمل أمام مهمتها الإنسانية: حماية الأمهات في لحظات الولادة الحرجة. ومع ذلك، كان قلبها واسعاً كاتساع الجبال من حولها، تنبض فيه رغبة لا تخبو لإنقاذ الأرواح.
على مدى أكثر من 20 عاماً، مارست فاطمة عمل القِبالة متسلّحة بالمعرفة الأساسية التي اكتسبتها قبل عقود، معتقدة أن خبرتها وما تعلمته آنذاك هو كل ما يتطلبه هذا المجال — إلى أن التحقت ببرنامج تدريب مُحدَّث للقابلات في ريمة، ضمن مشروع الطوارئ التوليدية المنفَّذ من قبل AGF بالشراكة مع UNFPA، والذي فتح أمامها باباً جديداً في مسيرتها المهنية.
وتروي فاطمة تجربتها قائلة: "كنت أعمل بمعرفة قديمة حتى جاء هذا المشروع الذي أعادني إلى الحياة. تعلمت كيف أتعرف على مخاطر لم أكن أعرفها من قبل، وأدركت أن مهمتي أكبر بكثير من مجرد مهنة."
اليوم، وبعد حصولها على تدريب شامل، وبناء قدراتها، وتلقيها للحوافز المالية، أصبحت فاطمة واحدة من أبرز القابلات في منطقتها. لم تكتفِ بضمان الولادات الآمنة للنساء في مجتمعها، بل تحولت أيضاً إلى مُثقفة صحية، تطرق الأبواب، وتقدم النصائح، وتنشر الوعي، وتحذر من المخاطر، وتملأ قلوب الأمهات بالأمل عبر كلماتها المطمئنة.
ورغم بلوغها هذا العمر، تقول فاطمة بثقة وابتسامة مشرقة: "التدريب جعلني أشعر وكأنني في الخامسة عشرة من عمري. أصبح لدي طاقة لأتعلم، وأعلم، وأبذل كل ما أستطيع لحماية أمهات قريتي."
إن قصة فاطمة ليست مجرد بصيص أمل وُلد من رحم المعاناة؛ بل هي حكاية روح لا تشيخ ولا تستسلم، ومشروع لم يغيّر حياتها فحسب، بل لا يزال يرفع من شأن الكثيرين في قريتها البسيطة.