بطاقة (حراس البيئة) ، التي كتب عليها عبارة : (لنجعل ماتعلمناه سلوكاً نحياه .. بأيدينا نحمي قريتنا من الأمراض) هي بداية مشوار (انتصار عبدالباري شرف) لحماية قريتها (مسار بيت القانص) من الأوبئة التي تسببها النفايات ، وذلك بعد أن نفذ مشروع (الاستجابة الطارئة لتفشي الكوليرا) حملة توعوية للتعريف بالكوليرا ومسبباته وكيفية الوقاية منه ، بمشاركة : مؤسسة كل البنات للتنميةAGF ، منظمة الاستجابة الدولية ، مكاتب الصحة . حيث أن (مديرية مناخة) كانت إحدى المديريات المستهدفة في هذا المشروع. مما لاشك فيه أن انتصار الفتاة الريفية البسيطة أدركت أنه يجب على الجميع الحفاظ على البيئة ، وأن النفايات أحد المسببات الرئيسية لإحداث الاضطرابات البيئية والتلوث الذي يصل مداه إلى جميع عناصر البيئة المُحيطة بنا. إنها لم تدرك أهمية الحفاظ على البيئة بصمت!! ، بل قامت بعمل بطاقة تشجيعية أسمتها (بطاقة حراس البيئة) ووزعتها على العديد من الأطفال والنساء في القرية ، وشرحت لهم كيفية جمع النفايات وموقع جمعها ، ومن ثم التخلص منها بشكل آمن ، وذلك عن طريق (الحرق) ، وبعد ذلك يتم غسل اليدين بالماء والصابون بالطريقة الصحيحة للوقاية من الامراض , تفاعل الجميع من أجل قريتهم ، تحمس الجميع من أجل التخلص أو حتى التقليل من بشاعة إنتشار الأمراض الوبائية بين أهاليهم. .أطفال، نساء وشباب جميعهم تمسكوا بالعبارة التي حملوها (لنجعل ماتعلمناه سلوكاً نحياه) وجعلوا من تطبيقهم لها عملاً على أرض الواقع له الأثر كبير على نظافة قريتهم وجمال منظرها . (بأيدينا نحمي قريتنا من الأمراض) ، عبارة أخرى تحملها البطاقة بجانب العبارة السابقة ، لو دققنا فيها لوجدنا الدافع النفسي والمجتمعي لإنجاح هذه الحملة جعل انتصار تكتب عباراتها بصورة خلقت بداخل كل من يحملها (روح التعاون ، والإنتماء ، والإصرار على تخليص قريتهم من كل ماقد يلحق الضرر بأهاليها) ، عبارات تحمل في بدايتها الترغيب بـ (سلوك) وفي آخرها تحفيز لـ (عمل) . عمل بسيط وأثره أدهش الكثيرين ، خلق في نفوس أفراد هذه القرية (الإنجاز النافع) ، وغرس في قلوب فريق مشروع (الاستجابة الطارئة للكوليرا) حب العطاء. كما أن قرية (جبل مسار) – مديرية مناخة ، هي أيضاً من القرى التي طالها إنجازات (انتصار) البسيطة بمحتواها والعظيمة بأثرها حيث بدأت انتصار بالتفكير ، فوجدت أنها فتاة تعيش في الريف ولاتستطيع توفير قوالب للنفايات! أو حتى سلات قمامة عامة ! هذة الفتاة على الرغم من عدم قدرتها على التحكم في انتشار وباء الكوليرا في قريتها إلا أنها أدركت أن باستطاعتها التحكم في موقفها تجاه التصدي لهذا المرض !! ذكرنا سابقاً دور انتصار وتكاتف أهالي القرية في جمع النفايات وحرقها ، إلا أن (انتصار) شعرت بأن هذه الخطوة ينقصها جانب رئيسي ، وأنه لابد من التفكير في ( أين يضع أهالي القرية نفاياتهم؟) بدلاً من رميها في عدة أماكن وإعادة تجميعها مرةً أخرى! ببساطة هذه الفتاة الريفية أدركنا أن العقول العظيمة لديها (أهداف) أما الاخرى فلديها رغبات! ، تنظر انتصار لما حولها من حجار وأشجار وتتأمل هنا وهناك ولاتجد فكرة ملائمة لما تود فعله ! إلى أن حان موعد الذهاب لإحضار الماء من الأماكن البعيدة في تلك القرية! تأتي صديقاتها بـ (الدبات الصفراء) سعة (10 – 20) لتر ، التي اعتادت النساء هناك على إحضار الماء بداخلهن، فتأتي على ذهنها فكرة (إقتلاع رأس الدبه وإبقاء أسفلها لتصبح شبيهة بسلة القمامة) وبدأت انتصار في تنفيذ فكرتها وذلك بتوزيع (الدبات الشبيهه بسلة القمامة) على عدة أماكن في قريتها )مسار بيت القانص) و (جبل مسار)، وكتبت ورقة على تلك الدبات مكتوب عليها (ضع القمامة هنا) ، وأضافت إلى هذا العمل توزيع العديد من (أكياس الرز الفارغة) أو مايسمى باللهجه العامية اليمنية (الشوال) ، على العديد من زوايا قريتها ، بحيث يكون جمع النفايات أسهل مما سبق ، ويجد أهالي القرية أين يضعون نفاياتهم ، تكاتف أهل القرية ، وأعجبوا بهذا العمل ، وأصبح كل فرد وكل رب أسرة وكل امرأة وطفل بحوزته شيء من النفايات يجد (الدبات الشبيهه بسلة القمامة) أمامه. إنه إنجاز حقيقي وتفكير هادف وعمل نقف جميعاً إحتراماً له! هذه الفتاة الريفية لم تقل (لن أستطيع) لم تتذمر ولم تقف تتأمل بصمت ! بل آمنت بأن لديها من القوة والإصرار مايجعلها تحقق إنجازات كبيرة بإمكانيات بسيطة .